شبكة قدس الإخبارية

ما هي التبعات المترتبة على الاحتلال في حال فرض الحكم العسكري في غزة؟ 

8-5
هيئة التحرير

ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: خلال جلسة مطولة عقدها الكابينيت السياسي–الأمني في “إسرائيل”، استمرت ست ساعات متواصلة، أطلق رئيس أركان جيش الاحتلال أيال زامير تحذيرًا غير مسبوق من تبعات خطة احتلال مدينة غزة، قائلا: “أنتم ذاهبون نحو حكم عسكري. خطتكم تقودنا إلى هناك. افهموا ما تعنيه هذه الخطوة".

سكرتير حكومة الاحتلال حاول التقليل من التحذير، بينما اقترح وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير بديلًا آخر: “بدل الحكم العسكري، فلنشجع الهجرة الطوعية!. ثم عاد زامير وأكد تحذيره، ليقابله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بسخرية: “لقد اتخذنا القرار". ويعلّق بن غفير باستخفاف: “فهمنا قصدك".

بينما كانت المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال تحاول شرح عمق الكارثة، كان المستوى السياسي يدفع قدمًا نحو الخطة، وكأن الأمر مجرد إجراء بيروقراطي لا أكثر. لكن الحقيقة التي أشار إليها زامير – والمدعومة بموقف معظم قادة الأمن لدى الاحتلال – هي أن “إسرائيل” على وشك فرض حكم عسكري مباشر على قطاع غزة، وهو ما يعني عودة الاحتلال المباشر بكل ما يحمله من مسؤوليات وتبعات كارثية: عسكريًا، قانونيًا، وسياسيًا.

والحكم العسكري لا يعني “حسمًا” للمعركة، بل غرقًا في المستنقع. السيطرة اليومية على سكان مدنيين، في منطقة مدمّرة، كثيفة السكان، مليئة بالأنفاق والمقاومين، تعني استنزافًا غير مسبوق. ليس هناك “نصر” في الأفق، بل دوام حالة الاحتكاك.

جيش الاحتلال الإسرائيلي سيتحوّل إلى شرطة قمع يومية: اعتقالات، حواجز، مداهمات، تفتيش، وأعمال إدارة مدنية قسرية. الجنود سيتآكلون نفسيًا وجسديًا، كما حصل في لبنان بين 1982 و2000. يومًا بعد يوم، تتحول “مهمة السيطرة” إلى ورطة دموية لا نهاية لها.

والأهم: قوى المقاومة لن تختفي. على العكس، ستكون أكثر تنظيمًا، تستفيد من فشل الاحتلال في فرض نظام بديل، وتتحرك في بيئة تعرفها جيدًا، مقابل جنود غرباء منهكين.

والحكم العسكري يُلزم “إسرائيل” بإدارة كل تفاصيل الحياة في غزة: الكهرباء، المياه، الصحة، التعليم، الطرق، الصرف الصحي، المساعدات الغذائية. أي خلل – وهو أمر متوقع – سيتحوّل إلى فشل تتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية.

وفي غياب أي شرعية محلية، ستضطر “إسرائيل” لتشكيل إدارة مدنية–عسكرية، تفتقر لأي قبول شعبي، وتُواجه يوميًا بالغضب والرفض. كل نقطة تماس – من توزيع مساعدات إلى تفتيش حاجز – مرشحة للتحوّل إلى شرارة تفجير.

ومن الناحية القانونية، سيعيد الحكم العسكري “إسرائيل” إلى مربع القوة المحتلة حسب اتفاقيات جنيف ولاهاي. وهذا يُحمّلها مسؤولية مباشرة عن تأمين حياة المدنيين تحت الاحتلال، لا فقط الامتناع عن إيذائهم.

في تلك الحالة؛ فإن أي إجراء من قبيل تقييد الحركة، تأخير المساعدات، الاعتقالات الإدارية، أو “تشجيع الهجرة” (كما اقترح بن غفير) سيُعد جريمة حرب قابلة للملاحقة في محكمة الجنايات الدولية.

وهنا الخطر لا يقتصر على "إسرائيل" كمؤسسات فقط، بل يمتد إلى المسؤولين شخصيًا: الضباط، الوزراء، وحتى رئيس الحكومة – جميعهم معرضون للمساءلة والملاحقة القانونية.

أما الغطاء السياسي الذي حمت به الدول الغربية “إسرائيل” منذ 7 أكتوبر، كان مبنيًا على سردية أنها “انسحبت من غزة منذ 2005”. أما عودة الحكم العسكري، فستنزع هذا الغطاء فورًا، وتعيد “إسرائيل” إلى مربع دولة استعمارية تدير حياة ملايين البشر دون أي أفق سياسي.

ليست المؤسسة العسكرية لدى الاحتلال وحدها من يُحذّر من الحكم العسكري – بل حتى المعارضة، وقطاعات واسعة من الرأي العام الإسرائيلي، بدأت تدرك أن الحكومة تقود البلاد نحو كارثة.

مع سقوط المزيد من الجنود، وازدياد صور التوابيت، وغياب أي إنجاز حقيقي، سيبدأ الجمهور الإسرائيلي بالسؤال: لماذا عدنا نحتل شعبًا آخر؟ ولماذا يدفع أبناؤنا الثمن بدل البحث عن حل سياسي حقيقي؟. كما في حرب لبنان الأولى، ستنفجر أزمة داخلية شاملة، وقد لا تنتهي إلا بإطاحة الحكومة أو انسحاب فوضوي من غزة – لكن بعد فوات الأوان.

في المحصلة، الحكم العسكري ليس استعادة للردع – بل وصفة للغرق. ليس فرض سيادة – بل انهيار للشرعية. وليس انتصارًا – بل تكرارًا مأساويًا لفشل قديم في ظروف أخطر.

#غزة #مقاومة #احتلال